ماتت نبتة الصبار فى شرفة تطل على الدنيا
لكنها ماتت وحيدة
ماتت نبتة الصبار فى شرفتى رغم محاولاتى المستميتة لإنعاشها .. لكنه خطأى من الأساس .. نهرتنى أمى عندما علمت انى اشتريتها من المشتل القريب من بيتنا فى يوم استعدادنا للسفر عند خالى لقضاء شهر من الأجازة الصيفية .. كنت أعتقد ان الصبار يتحمل العطش .. لكنى تأخرت عليها .. ساءها ما لقيت منى من اهمال وسوء معاملة، فماتت .. لا أعلم لماذا ذكرتنى تلك الصبارة الصغيرة بحكاية فتاة اعرفها .. احبت شابا رأت فيه من صفات الكمال الكثير .. أفرغت فى هذا الحب كل ما كانت تختزنه طيلة سنوات صباها وشبابها .. وهو قد احبها، ولكن لأنه يحيها تركها .. لأنه لم يكن مستعدا وقتها أن يواجه الدنيا بهذا الحب .. كان ما زال فى بداية الطريق ، بلا جاه ولا مال ولا استعداد لخوض الحياة .. تركها .. وتركها بلا وعد .. لأنه لا يعلم ايضا ماذا يخبىء غدا .. تركها لعلها تجد من هو أفضل منه .. وانقطعت الصلات بينهما .. وظلت هى على حبه رغم غضبها .. وظل هو على حبها رغم قسوة الظروف .. ومرت شهور وسنوات والتقيا من جديد، ولكن للأسف .. كانت الفتاة قد اعتادت على وجوده بقلبها فقط .. كانت قد ارتضت بفرحة حبه ولو كان بعيد .. كانت قد ارتضت بأحلام يقظتها وتركت الأمل .. ووطنت نفسها على استحالة اللقاء .. وقد استقر بنفسها شعور آخر بالرفض .. صارت ترفض ان تكون معه .. اما هو .. فقد كان جادا لكنه اصبح اقسى .. اصلب عودا .. واستقر فى نفسه احساس قديم بالخجل منها .. فلم يعد يستطيع ان يعبر عما بداخله تجاهها ببساطة كما كان من قبل .. تعقدت احاسيسهما .. واحيا البعد جذوة الحب فى قلب كل منهما على حدى .. وأصبح من القوة بحيث يكون من المستحيل ان يتجسد على أرض الواقع فى صورة او اخرى .. صار اكمل من ان يكون .. وافترقا ثانية بعد ان تحلل الخيط الذى كان يربطهما بفعل الزمن .. ابتعدا .. وقد ظنت انها سامحته لأنها موقنة انه يحبها .. لكنها اكتشفت انها لم تستطع ان تسامحه كلية .. لأنه لم يحبها لدرجة العناد .. لم يحبها بالصورة التى ترضى .. وهو .. كان يحبها حقا .. لكنه ظن انها قد تنسى، وتتابع حياتها بصورة طبيعية .. أخطأ حينما ظن انه الوحيد الذى يحب، والذى يجب ان يضحى .. وهو لم يكن بالرجل اللحوح .. كانت كرامته تأبى عليه ان يكرر عرضا مرتين .. فإبتعد لأنه يعلم ايضا انها لا تريده ان ينحنى
.........................................................................................
وانتهت الحكاية قبل ان تبدا .. ومرت عليهما الحياة ولم يعيشاها .. وارتسمت الضحكات على ثغريهما ولم يضحكا .. وظل كل منهما الحاضر الغائب عند الاخر .. ولما سألت ذات مرة استاذا لى بالجامعة وقد كان استاذا لها ايضا عن السبب فى هذا العذاب .. اخبرنى انه لو تأملنا حياة كل منهما منفصلة لوجدنا فى كل منها حكمة لما حدث .. أخبرنى استاذى انه لا أحد قد يخبر عن السبب .. فالناس أقدار .. ولكل امرئ قدر .. وقدريهما مربوطين ارتباط أرواح .. رغما عنهما لا يستطيعان الفكاك منه .. وفى ارتباط كهذا .. تذوب النفس، ويفنى الجسد