مين يقول ان اللى فات ولى .. دا كل شىء فات ساب أثر

الثلاثاء، ٢٩ مايو ٢٠٠٧

الـــــصـبـــارة

ماتت نبتة الصبار فى شرفة تطل على الدنيا
لكنها ماتت وحيدة
ماتت نبتة الصبار فى شرفتى رغم محاولاتى المستميتة لإنعاشها .. لكنه خطأى من الأساس .. نهرتنى أمى عندما علمت انى اشتريتها من المشتل القريب من بيتنا فى يوم استعدادنا للسفر عند خالى لقضاء شهر من الأجازة الصيفية .. كنت أعتقد ان الصبار يتحمل العطش .. لكنى تأخرت عليها .. ساءها ما لقيت منى من اهمال وسوء معاملة، فماتت .. لا أعلم لماذا ذكرتنى تلك الصبارة الصغيرة بحكاية فتاة اعرفها .. احبت شابا رأت فيه من صفات الكمال الكثير .. أفرغت فى هذا الحب كل ما كانت تختزنه طيلة سنوات صباها وشبابها .. وهو قد احبها، ولكن لأنه يحيها تركها .. لأنه لم يكن مستعدا وقتها أن يواجه الدنيا بهذا الحب .. كان ما زال فى بداية الطريق ، بلا جاه ولا مال ولا استعداد لخوض الحياة .. تركها .. وتركها بلا وعد .. لأنه لا يعلم ايضا ماذا يخبىء غدا .. تركها لعلها تجد من هو أفضل منه .. وانقطعت الصلات بينهما .. وظلت هى على حبه رغم غضبها .. وظل هو على حبها رغم قسوة الظروف .. ومرت شهور وسنوات والتقيا من جديد، ولكن للأسف .. كانت الفتاة قد اعتادت على وجوده بقلبها فقط .. كانت قد ارتضت بفرحة حبه ولو كان بعيد .. كانت قد ارتضت بأحلام يقظتها وتركت الأمل .. ووطنت نفسها على استحالة اللقاء .. وقد استقر بنفسها شعور آخر بالرفض .. صارت ترفض ان تكون معه .. اما هو .. فقد كان جادا لكنه اصبح اقسى .. اصلب عودا .. واستقر فى نفسه احساس قديم بالخجل منها .. فلم يعد يستطيع ان يعبر عما بداخله تجاهها ببساطة كما كان من قبل .. تعقدت احاسيسهما .. واحيا البعد جذوة الحب فى قلب كل منهما على حدى .. وأصبح من القوة بحيث يكون من المستحيل ان يتجسد على أرض الواقع فى صورة او اخرى .. صار اكمل من ان يكون .. وافترقا ثانية بعد ان تحلل الخيط الذى كان يربطهما بفعل الزمن .. ابتعدا .. وقد ظنت انها سامحته لأنها موقنة انه يحبها .. لكنها اكتشفت انها لم تستطع ان تسامحه كلية .. لأنه لم يحبها لدرجة العناد .. لم يحبها بالصورة التى ترضى .. وهو .. كان يحبها حقا .. لكنه ظن انها قد تنسى، وتتابع حياتها بصورة طبيعية .. أخطأ حينما ظن انه الوحيد الذى يحب، والذى يجب ان يضحى .. وهو لم يكن بالرجل اللحوح .. كانت كرامته تأبى عليه ان يكرر عرضا مرتين .. فإبتعد لأنه يعلم ايضا انها لا تريده ان ينحنى
.........................................................................................
وانتهت الحكاية قبل ان تبدا .. ومرت عليهما الحياة ولم يعيشاها .. وارتسمت الضحكات على ثغريهما ولم يضحكا .. وظل كل منهما الحاضر الغائب عند الاخر .. ولما سألت ذات مرة استاذا لى بالجامعة وقد كان استاذا لها ايضا عن السبب فى هذا العذاب .. اخبرنى انه لو تأملنا حياة كل منهما منفصلة لوجدنا فى كل منها حكمة لما حدث .. أخبرنى استاذى انه لا أحد قد يخبر عن السبب .. فالناس أقدار .. ولكل امرئ قدر .. وقدريهما مربوطين ارتباط أرواح .. رغما عنهما لا يستطيعان الفكاك منه .. وفى ارتباط كهذا .. تذوب النفس، ويفنى الجسد

الأحد، ١٣ مايو ٢٠٠٧

شىء للذكرى

نشتاق دوما لذاك الرفيق .. لنسمات شغف تقبل الدمعات الخائفات
تمر غافية .. وفى رفق تفيق .. ونظرة لا تفتر .. وقلب لا يغترب ولا يرحل
نشتاق ونشتاق .. ليظل أبدا فى العين البريق
كم أحترمك .. كم أنا معجب بك وبعقلك - إبتسمت لدى سماعها هذه الكلمات التى لطالما سمعتها من كل الناس .. وبدا السرور على وجهها .. لكنها ليست متأكدة من ان الذى بداخلها هو ذاته الذى يبدو على محياها .. قد سئمت كل كلمات التقدير، وكل نظرات الإعجاب والإحترام .. هفت نفسها الحالمة لكلمات اخرى أكثر دفئا، ولنظرات أكثر عمقا .. أرادت شعورا آخر كالذى تستشعره بقلبها إثر سماعها نغمة موسيقى .. او عندما تقع عيناها على كلمة فى كتاب ذات معنى خاص .. كم ذابت روحها فى ذلك الإحساس .. كم كانت مرهفة الحس .. قوية المشاعر .. لكنهم كانوا كما لو قد وضعوا على حواسهم غمامات .. فلا يرون من وجهها سوى ملامحه الجامدة الهادئة .. ولا يرون فى عينيها الا نظرة ساكنة .. ومن صوتها لا يسمعون سوى رنات هادئة واضحة .. ومن كلامها يفهمون سر اتزانها .. انه عقلها، وفكرها ، وأخلاقها .. وأشياء وأشياء، وفى غمرة ذلك يتوه قلبها .. احاسيسها .. تذكروا ان يبثوها آلامهم ونسوا ان يسمعوا شكواها .. ولكأنها ارتضت بذلك فى خضوع .. وأصبح ما فى حياتها لها وحدها .. وأغلقت عليها أبواب نفسها .. لكن قلبها الصبى لم يعد يستطيع ان يكبح جماحها .. انها فتاة فى العقد العشرين .. انها تجتاز اجمل سنوات عمرها بين التقدير والإحترام .. انها مشاع لكل الناس فى افراحهم واتراحهم .. ولم يكن لديها شىء خاص .. ومع كل دفقة شجن وحنين .. تطفر دمعة من عينيها .. تحمل المها .. وتحمل وحدتها .. تحمل املا ان تلتقى كتفا تستطيع ان تتكىء اليه عندما تشتد الأمور .. وعينان تستشعر فيهما امنها ..تريد عمرا جميلا .. شىء يصلح للذكرى .. فقد كان كل ما لديها ذكريات الآخرين
ها هى قد انهت للتو دراستها الجامعية، وبدأت تلك الحياة التى من سماتها الأساسية ان تجتر لحظات الماضى كل على حدى .. تقلبها بين الكفين فلا يخرج منهما شيئا سوى الصمت المطبق، وربما شىء من الندم على موقف او أكثر يثير السخرية، او كلمات لم تكن فى موضعها الصحيح .. او اشخاص لم يكن من الواجب ان تعرفهم .. انها تلك الحياة التى تقف فيها امام نفسك وانت خالى الوفاض .. لا تملك من امسك شيئا الا اليقين انه قد فات .. اما الحاضر .. فهو ساكن متوجس كنبض قلب مترقب .. والغد .. تنظر اليه كما تنظر من نافذة عالية الى أقصى الأفق .. فهناك ترى الشمس ثم ترى القمر ثم تكاد تلمس نجمة متلألئة .. تمد ذراعيك مبتسما فلا تمسك الا حفنة هواء ليس فيها حتى العبير .. وكثيرا ما كانت تتطلع الى السماء .. حينا صامتة تتأمل .. وحينا تفكر فى كلمات علقت فى ذهنها من آخر حوار أجرته .. او كتاب قرأته .. او فيلما شاهدته .. وأحيانا كثيرة كانت تنظر للسماء وتغنى .. وكثيرا ماكانت تنتظر حتى يخلو المنزل عليها فيعلوا صوتها بالغناء، وكأنها تشدو امام حشد من الحضور وكأنها تقف على خشبة مسرح كبير، وضوء واحد مسلط عليها فتعزف بإحساسها انغاما تتهادى مع الكلمات بين شفتيها لتترجم ما يدور بداخلها من تقلبات، وغموض، وحيرة .. ولتبدو فى اكثر النغمات هدوءا رقيقة كحلم وردى .. كصفحة البحر فى سبتمبر
ربما كانت تهفو لنظرة مختلفة واحساس اعمق لأنها تشعر انها مختلفة و انها اعمق مما تبدو .. وربما لأنها تبحث عن السعادة .. رحلة البحث الزلية التى يفرضها كل انسان على نفسه لهثا وراء كلمة لم يستطع القاموس تأكيد معناها .. وربما كانت تبحث عن تلك النظرة وذلك الإحساس لأنه طبيعى ان تبحث، وطبيعى ان تحتاج .. فرغم الإختلاف الذى تظنه فى نفسها .. فهى فى النهاية فرد من جنس البشر .. تبغض وحدة الأعماق، وزيف الصور .. ترنو فى بعض الأحيان الى شىء من الجنون بعد باع طويل من العقل و الحكمة .. سنوات الصبا الثانوية وشبابها بالجامعة، واليام التى تليها كلها اتزان وهدوء .. وشىء من التمرد عندما تقول لا .. لكنها لا المسببة، وليست لأنها تريد ذلك .. تمرد محكوم .. وثورة خلف أسوار الفضيلة .. فاضلة هى .. نعم .. طاهرة النفس والروح والجسد .. لم ترن لعين، او تخضع لكلمة او تنهزم امام دفقات الإحساس .. كان لها عالمها الخاص اخفته بين صفحات دفنتها تحت وسادتها .. فتكتب فى النهار ما يخفيه الليل .. وتكتب فى الليل ما يحار به النهار .. تنسج فى كل نهار حكاية .. وفى كل ليل ذكرى حتى ولو لم تكن لها .. يطول بها السهر، ولا تزال تفكر وتحتار فى امرها فلا يصل بها التفكير لشىء او لأحد
ربما ظنت انها قد تستطيع تغيير الكون .. ولكن من ذا الذى يستطيع التغيير فى شىء غير معروف .. مجهول كل شىء عنه رغم ما يبدو منه .. ورغم القوة فى بعض الأحيان يعود الضعف ليتمكن .. ورغم المحاولات المستميتة لصنع شيئا من لا شئ او لخلق حياة من العدم .. فى خضم تلك المتاهات .. تتألق الحقيقة الوحيدة .. فتدرك ان لكل الناس اقدار، يمشى كل مع قدره حتى يستنفذه .. وتتساءل .. ترى هل استنفذتها اقدارها ام لا يزال هناك اشياء لم تأت بعد .. اشياء كتلك التى تحب .. ان تكون سعيدة .. ان تفترش الأرض هناءة وراحة بال .. لكنها تخشى خطاياها .. تخشى ان الغناء معصية .. تخشى ان الحنين معصية .. تخشى ان العشق رذيلة ما ادناها .. لايرضاها الله ولا يقبلها الناس .. تخشى ان الحلم غرورا يستدرجها .. فيرثيها ثم ينساها .. تخشى انها إن تطلب الغفران إن دق قلبها فلا تدرك يوما نجواها