عندما نلتقى

مين يقول ان اللى فات ولى .. دا كل شىء فات ساب أثر

الاثنين، ٣ يناير ٢٠١١

نقطة عطر


كل شىء تتغير ملامحه و يعود الماء الراكد يستقر و يبق الحجر تلو الحجر فى قاع بعيد، و كل الأيام عاما بعد عام قد لا تتغير فى جوهرها لكنها تتغير .. تتغير الدوائر حولنا و نحن لا نتغير .. نبق أسيرين ذواتنا الطيبة الحنون فى زمن لا يصح فيه الحنان و لا ينبغى فيه الحب.
أخبرته أن يرحل، بل توسلت اليه أن يأخذ أحلامى و مخاوفى و آمالى و آثامى معه و يرحل ليسكن مدينة أخرى و ينسانى، فأنا كنت مدينته، كنت حجرته، كنت أعز أشياءه، كنت الصباح الذى أضاء يوما عينيه .. قد كنت أنا الماضى الذى حضر .. كنت المدينة الملعونة التى حرم سكناها، توسلته أن يرحل و لما رحل .. سكن البحر الثائر، و إنطفأت جذوته، و تماسكت كالغريق الذى نجا من عاصفة مريرة، نجيت و تركت على شاطىء وحيدة، كم تبدو الدنيا مستوحشة كئيبة، قد كنت، و كلمة كنت تحمل الكثير، تحمل الحقيقة، و تحمل الوهم .. تحمل الواقع و الحلم .. تحمل كل الأفكار ...

لماذا ترتاح دائما قلوبنا المتعبة عند فلوب تستطيع ان تنسى التعب ..

فى سنى عمر قصيرة أصبحت أنا ولا أدرى لماذا أنا ..

لماذا هو ذاته نفس التعب .. هو ذاته نفس الألم .. هى ذاتها الأيام تتكرر مستسلمة ..

كلها تساؤلات تساؤلات بلا إجابة .. و قد ظننت أن الدمع جف من تساؤلاتى و حيرتى و إنقباضى .. و للعجب .. لا يزال الدمع جيا يشهد أننى أحيا .. اليوم أحيا، و غدا أحيا عند من؟ فلا يتركنى و لو بإختيارى.




السبت، ٢٠ مارس ٢٠١٠

فى معنى الإحتواء




أن تحتوينى .. هذا ليس بالشىء المحال .. ولا هو بحلم أتمناه ولا يتمنانى .. أن تحتوينى .. أى أن أستكين هكذا و أهدأ بين ذراعين ووجدان .. أن أرد قبل كل خاطر على ذهنك فتبتسم لأنى أذكرك بفكرك فتبدع .. أن تذيبنى خطواتى فى طريقك المرسوم فى عينى رغم أنى لا أعرفه .. أن تحتوينى ليست بحاجة ملحة أطلبها .. إنما هى نظرة تزيح عناء سنوات وسنوات .. أو كلمة تهدى حروفها إسمى بعض الشذى .. أو إيماءة توحى بالحنان .. أو ربما ظل يمشى خلفى يحرس ظلى .. أو هى غفوة ملء الأجفان وكأنها لم تغلق منذ آلاف السنين، قد غفت فقط لأن أهداب أخرى حنت يقظة لأن تحميها.
أن تحتوينى .. ليس بالشىء الكثير، وليس بالقليل، ليس بواقع كائن، وليس بحلم من بلاد الخيال .. إنما هو البين بين .. فى شرود اليقظة الصماء و أوهام المنام المشعثة.

الأحد، ١٧ يناير ٢٠١٠

نور .. اسمى نور

فى أول ايام معرفتى بعالم المدونات تعرفت اليها .. وتعرفت اليها بالصدفة البحتة عن طريق صديق عزيز مصرى الجنسية سكندرى الحب تهفو دواخله دائما وأبدا لأهل الشام فى لبنان والأردن وفلسطين وسوريا .. شامية هى من لبنان .. لا أعرف عنها غير ذلك .. وغير ما سطرته أناملها عبر مدونتها الإلكترونية .. لم أرها .. لم أحادثها .. إنما حادثتنى روحها التى طلت عبر الحروف والصور والأفكار والأحاسيس العابرات فى كتاباتها .. صبية وشابة .. عجوز وطفلة .. فيها شىء يدفعنى لتأمل ذاتى .. إنها إيف .. ولولا ذاك التاج ما عرفت انها نور .. صديقة من نوع خاص .. لا تعرفنى ولا أعرفها بالمعرفة المادية التى يظنها الناس المعرفة الطبيعية .. انما اعرفها بتلك الكيفية التى تفتح آفاقا أخرى بالكون الرحيب.

أفتقد حروفك لأعوام .. فترى أين انت .. أفتقدك إيف

http://mysteriouseve.blogspot.com

الأربعاء، ١٣ يناير ٢٠١٠

صورة


تعى نقعد بالفى .. مش لحدا ها الفى
حبينى وفكرى شوى

أحب أن أرسم للناس صورا .. لكنى لا أجيد الرسم .. لا أفقه فن الألوان، ولا تخرج من بين أناملى خطوطا واضحة المعالم يميزها من يراها .. إنما جل ما أستطيع أن أملأ صفحة بيضاء بصورة تعبيرية يملؤها طريق، بحر وشاطىء رملى تزينه شجرة تتوسط مساحة خضراء، وكوخ من دور واحد وربما سندرة داخلية .. وسماؤها نهارية مشمسة يتخذ قرصها الركن الأيسر بالأعلى مسكنه الدائم بيما تتناثر هنا وهناك بضع خطوط قصيرة يمتزج كل منهما فى خطين يمثلان حمائم عابثة، وغيمتان تتسليان بالنظر .. ولكم حاولت أن أرسمنى جالسة على مقعد بحرى مريح أقرا فى هدوء وسكينة، لكنى كنت دائما ما أفشل، وتتحول الصورة الجميلة إلى لوحة مشوهة بداخلها تكوينة غير واضحة الحدود، غير معرفة المعالم .. ربما تنبىء عن شخص جالس منتظر، أو عن مدى سوء الرسام الذى رسم .. وبالتالى أدفع بمحايتى لتصول وتجول فتمسحنى وأعود أرتب ما قد فسد، لأنظر إلى الصورة الخالية من الإنسان، فإذا هى غناء .. مريحة للنظر .. مريحة للفكر المتعب، ومليئة بالكثير من الأمل.


الأربعاء، ٢٢ أبريل ٢٠٠٩

بتيجى سيرتك ....!!


ناس بتقولى قريب .. قريب .. وناس بتقولى بعيد .. بعيد
ناس بتقولى حزين .. حزين .. وناس بتقولى سعيد .. سعيد


وبين ما قيل و ما سوف يقولون .. فات وقت الحديث والتكهنات .. وانتهت كل السير والقصص والحكايات .. وما الجديد فى ذلك .. كانت حكاية ثم انتهت .. لماذا يهتز الكون، ويتساءل العالم، وتنتحر الآمال، وتذوب فى براكين الغضب الأشواق .. كل هذا ما هو الا حروف فى كتيب صغير يكاد يختفى بين ارواق مبعثرة تكدست هنا وهناك تاه بينها بحيث لا يكاد يبين .. ومهما امتدت ايادى للبحث عنه فى حنين .. حتى وان وجد .. فقد أغلقت دفتيه بشمع أحمر مسحور .. عليه لعنة تصيب من يحاول إذابته .. لعنة تحكم على الفاتح بالتيه الأبدى فى غياهب الوله فيذهب بلا رجعة فى صفحات تجتذب قارئها فتمحوه من دنيا الى دنيا أخرى لم يعهدها .. لم يعهد نفسه فيها بلا حول ولا قوى .. أذاب الشمع، وفتح السر المغلق فلعن بلعنة تسكنه منفى برج القصر الملكى فى أسطورة شهيرة .. فصار من بعد حريته أسير .. وما كان اسره لإيقاظ أميرة نائمة، ولا حاول فك ضفائرها .. انما فقط جاذب كتيبها المفقود أطراف الحديث .. هذا يعلمه ويعلمنا أن نترك المغلق فى حاله وألا نذيب شمع الأسرار.
فلنترك ما راح لما قد راح .. وليذهب الماضى الى الذكرى فليحيا سويا بعيدا عنا .. وليروح الناس ويجيئون .. يتبدلون ويكبرون .. وتدور الأعمار .. ولتأت أيام أخر .. تدفعنا دفعا للحياة ولو على حساب ابتسامة زائفة أو احساس مدفوعين اليه دفعا لعلنا نصدقه يوما ونكونه .. ليظل الكتيب مدفونا بقلب أنهكه النبض عالى الصدى وقد آن له ان ينبض فى وهن .. ولتنثر الأوراق عطر الشمع المحترق.

الثلاثاء، ٢٧ يناير ٢٠٠٩

قلبى الصغير - الى لقاء


أعز الناس .. قلبها الذى يحتوينى فأذهب اليها بهموم الدنيا فى عيناى مثقل بها قلبى تائهة فيها حياتى .. فتلقانى .. فأذوب بين ذراعيها ولو التقيتها بعد غياب طويييييييل

حبيبتى الغالية وصديقة عمرى .. اهديها كل ما سوف اكتب اثناء غيابها عن ارض الوطن - ان كتبت - وأهديها هذه الأنغام التى أحببناها .. اهديها صوته الدافىء .. أنغام مم تحب

لا تطيلى على الغياب

الاثنين، ٢٦ يناير ٢٠٠٩

إمرأة فى لحظات


تشرق شمس الصباح كل يوم ثم تغيب والكون يدور وأنا أدور .. بين حمامى الدافىء، وإرتداء ملابسى إستعدادا للخروج .. بين فنجان قهوتى الصباحية، ومطالعة أخبار اليوم الجديدة .. ونظرتى فى المرآه .. أرانى كل يوم .. وكل وقت .. حتى مللت !! .. ترى من يعرف من يبدلنى، ويعيد تركيب تفاصيلى .. تفاصيلى الصغيرة التى قد تمنحنى الجمال
أدور .. بين خطواتى فى الطريق إلى عمل أو الى أصدقاء .. بين ضحكاتى ودموعى .. بين جلساتى الهانئة بصحبة موسيقية لأغنيات يتردد صداها خافتا فى الخلفية، وصخب الأصحاب، والناس ذهاب وإياب .. بين تفاصيل حياة يومية، ونظرة خاطفة لمرآة الكافيه الجانبية .. من أنتى !! وإلى متى تسألين؟!
أدور بين النعم واللا .. نعم إنى إمرأة تخلق الوله خلقا .. ولا إنى إمرأة دميمة رغم أنى مفرطة الجاذبية !!
من كل التناقضات يصير النزاع الى الأسوأ .. ومن كل نزاع يطل وجه بقلبى أراه .. يحبه وجه أحلامى .. يريدنى فى عينيه جميلة .. يريدنى إمرأة كاملة كل صباح ومساء .. تدور مع الكون وتدور فى حياته تمدها بدفء اليقين، وغموض الجاذبية وخلود الحب
ومع شمس كل صباح .. بين حمامى الدافىء وقهوتى الصباحية .. ونظرتى فى المرآه .. يطل التساؤل من ستكونين انتى فى عينيه؟؟ .. إمرأة غير قابلة للسأم، تخلق الوله خلقا .. أم دميمة مفرطة الجاذبية !!

الجمعة، ٩ يناير ٢٠٠٩

صدفة



لماذا لم تعد تحبنى أبدا بما يكفى كى تخلق لى عالما مماثلا فى شىء واحد مما قد ابدعت لك

غريبة ايامى تلك التى تعدو متلاحقة لا اسنطيع اللحاق بها ابدا .. فى العادة أعرفها جيدا فلا تفر منى الى طريق لا أبغيه .. إنما تغيرت طبيعة الأمور قليلا منذ رحل .. لم أساله الرحيل، كما لم اسأله ان ياتى .. ولكنه أتى .. وقد كان كل ما على فعله هو أن استقبله بكل شوق الدنيا وما فيها من أمنيات حالمة هانئة سعيدة .. إلتقيته بكل ما تعنى الكلمة من معنى " صدفة " .. صدفة مقدرة بكل ما فيها .. وكان رحيله صدفة .. وبعد أعوام من محاولات الشفاء منه .. ثار الحنين اليه مرة أخرى صدفة .. فى نفس الشهر .. فى نفس الظروف لكن الفرق أنى التقيته هذه المرة صورة صماء لم اعرف انها على حاسوبى .. لكنها لم تكن ابدا صماء فى عينى .. بها تداعى كل ما كان وكأنه لم يمر زمان عليه.

إنه ينظر الى تلك النظرة التى اعرفها جيدا .. بعينيه الهادئتين العميقتين اللتان تصورت يوما زيف حبهما .. هذا الوجه الذى علق بحياتى .. لا إمتلكها ولا أعتقها .. أتراك يا صاحبها السبب فى وحدتى رغم زخم الناس .. رغم امتلاء ايامى بصنوف الأشياء .. رغم العمل والأهل والأصحاب .. تراك وحدتى التى لا أعرف لها معنى .. تراك الحزن الشجى القابع فى عينى لا يفارقها .. تراك لازلت فى نفسى كما انت، وكبريائى يرفض واقعك، ويحاول أن يقسو وينسى.

فى عالمنا هذا .. يظن كل الناس ان الحب بين رجل وامرأة يعنى إبتذالهما .. فهم لا يصدقون اننا ما تلامسنا ولا حتى للسلام .. يظنون فتاة مثلى تهزأ بهم حين يقهرها حزنها يوما وتحكى عنك فتخبر أن قصتها لم تزد عن اعتراف فى ليلة بلا قمر برغبتك فى أن تكمل معها المشوار الطويل .. قصة لم تتعد الوعد بالمستطاع والأمل فى القليل .. لا يصدقون عندما اقسم بطهارتى وطهارتك، يظنون أنها قصة عادية مباح فيها كل شىء بإسم الحب .. ربما لهذا أخجل أن أذكرك لأننى وحدى أعلم أننى وحدى أذكر وأننى وحدى أصدق ألا كلمة قلناها او نظرة نظرناها قد تسىء لى أو لك .. لكنهم الناس، أى حب يتداخل لديهم بشىء آخر .. حتى أنه لو وصل سمعى عنك خبر أو عنك سئلت .. أجبت قد كان هنا منذ زمن ورحل .. شخص أعتقد أنه لطيف مهذب .. لكنى حقا لا أعرفه .. أنا !! .. لا أعرفه !!

تضغط أيامى بطولها على إحساسى بك، ويبقى الذين يعرفون عنا يدركون الفرق بين نسيانى ونسيانك .. فأنت قد نسيت وانا للأسف تناسيت ..

لن أتهم نفسى مجددا بالحمق .. فكم لمتها وكم نهرتها وكم عذبتها بأن كان المفروض والمفروض والمفروض .. ولن أواسى نفسى وأشعرها أنها مظلومة مقهورة .. إنما سأضعها فى خضم الحقيقة وأتركها لتشتد وتقوى .. ورغم أننى أعرفها وهى تواجه اى شىء يخصه، والحقيقة هى حقيقته وحقيقتها .. ترى ماذا عليه ان يفعل أكثر كى تهدأ نفسى وتنساه .. نفسى التى استعذبت حتى إنهيارها فى إنتظاره حتى بعد ان انتهت كل آمال الإنتظار .. نفسى التى تشتد وتقوى تكذب وتحتال لتظل فى نظر الكل لا تأبه ولا تبالى .. نفسى التى تعبت من كونه بعيد المنال .. التى تعبت من نكرانها دخوله اليها فى يوم ما، وأعلم عنها أنها ستظل تنكر وتنكر بغير وعى يتسع لمعنى النكران .. برغم سيرته التى تأتيها من حيث لا تدرى .. برغم ذكرياتها .. وبرغم صورته التى طلت فجأة .. صدفة مقدرة .. ربما كعادة صاحبها التى كانت، لتنقذ هذه النفس من غرق تغرقه فى تيهها وغربتها فى عالمها الوحيد الذى تعرفه .. وربما طلت لتعيد اليها ذكرى إحساس ذكرها بأنها إمرأة لا يستحيل عليها الحب لأنها يوما أحبت، وربما لسبب أكثر تفاؤلا .. لتدفعها لبداية جديدة لتدرأ بها جراح ما كان .. لكنها فى كل الأحوال صدفة مقدرة مؤلمة .. أضافت الى اضطرابات هذه النفس الكثير .. ذكرتنى بالتى كنت عليها يوما .. ذكرتنى بذلك الطير الذى علا وهام فى ضياء الشمس ودفئها .. فلما إقترب أكثر منها أحرقت ريشه الفضى ولم يكن يظن فيها فسوتها، فإنتهى سقوطه معلقا بشوكة شجر الشوك يئن حنينا لتلك الحرية .. لتلك النغمة التى تعلمها ورددها .. إحترق ريشه الفضى، وصار متعلقا بقلبه فى شوكة شجر الشوك يحن لتلك الصدفة التى افتقدها وهو لا يدرى .. يحن ولم يعد مهتما أن يفهم.

الأربعاء، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٨

مكابرة - فدوى طوقان




أهذا أنت؟ من أى الكهوف -

بزغت يا وجها طمرناه

وألقيناه فى الغيهب، فى أعماق
ماضينا

ورحنا نشرب النسيان فى صمت
وفى صمت نعب مرارة التسليم

والإذعان للأقدار يوم هوى بنا البنيان
وإندحرت أمانينا

*****

أما كنا تشاغلنا
عن التذكار والأشواق!
وفوق كآبة الأعماق أسدلنا

ستار الرفض والكبر

وقلنا للعيون الطائشات السود -
قلنا: يا أعز عيون
صحونا، نحن بعد اليوم لن نسكر

فردى الكأس عنا يا
أعز عيون

ورحنا نخنق الإحساس نلجمه

بهذا القلب، نرجم رعشة
الإحساس والشعر

وكانت أجمل الأشعار مازالت
بهذا القلب ترعش فيه لكنا
وأدناها وقلنا لن
نريق سدى أغانينا

ولن نسقى غرور الزنبق النشوان

مهما رف، لن نسقيه
حتى غابة العطر
خنقنا نفحها فينا

وفوق كآبة الأعماق أسدلنا

ستار الرفض والكبر


*****

شغلنا عنك وانفتحت
لنا الآفاق تدعونا
تجد لنا منى أخرى

وتزرع حولنا الأفياء تمطرنا

بألف رجاء
و
قلنا: يا خلاص الروح

أخيرا قد تعافينا

فلا تحنان، لا أشواق، لا ذكرى

تنادينا


*****

فمن أى الكهوف بزغت
يا وجها عبدناه
زمانا، ثم فى أعماق ماضينا طمرناه
أ
ما كنا ذهلنا عنك حتى قيل -

لم نعرف هواك؟ فأى ينبوع

من التحنان والذكرى

من التهيام والذكرى
تفجر بغتة فينا

*****

نكابر ندعى انا
تعافينا

نكابر يا ضلال الكبر، يأبى ان

يقر الكبر انك فى قرارتنا

نداء قاهر كالموت، كالأقدار -
يأبى أن
يقر الكبر أنك لهفة أبدية -
فينا



من ديوان ( أمام الباب المغلق )

الثلاثاء، ٢٣ سبتمبر ٢٠٠٨

رائحة الحب



بعد ليلة خاصمها النوم فيها .. نهضت من فراشها مشعثة بعينان متورمتان من السهر، وربما قليل من البكاء .. نهضت فى هدوء .. وهى تتنشق رائحة الصباح بينما تسلل لونه بين رقائق شيش النافذة والشرفة .. كانت الساعة قد شارفت على السادسة .. شدت اناملها حجاباب لم تدر لونه كان ملقى على كرسى بجوار النافذة وتركته ينسدل على شعرها وفتحت شيش النافذة .. استقبلت عيناها الضوء، وملأ الصبح رئتيها وروحها .. وتلقت مسامعها أصوات همهمات الكون حين يصحو بأوراق الشجر والنسيم وطير يغرد هنا وكروان يصجدح هناك .. قد طلعت الشمس لكنها لم تسطع بعد .. فكانت الدنيا غائمة وكأنها محتجبة بغمامات السحب .. نظرت طويلا للطريق بالأسفل، وارتسمت إبتسامة على شفتيها .. اليوم ستزور الإسكندرية .. اليوم .. بعيدا عن العمل، والزحام والأعباء .. اليوم .. وإختفت إبتسامتها .. وحل فى عينيها قلق غامر .. وأمنية حزينة .. وصوت تردد على مسامعها طوال عام .. اليوم ستراه .. هناك سينتظر عند البرج المهجور .. عند آخر الممر الصخرى بالمنتزه .. طويل .. أبيض البشرة، ويتردى نظارة شمسية عريضة، وقميص بلون السماء .. تذكرت كلماته أنه ربما عليهما أن يلتقيا .. فاللقاء يحدد الكثير من الأشياء .. تعللت أنها لا تعرفه جيدا بعد .. أجاب ومن فى الدنيا يعرف الآخر .. تعللت ببعد المكان وطول السفر، أجاب أنه لايريدها ان تأتى اليه كسبب رئيسى، ولكن إن جاءت يوما فى سفر فلتضعه جزءا من جدول هذا اليوم .. تعللت بالناس ماذا يقولون .. فأجاب يسألها لماذا إفترضت أنهما فى وضع خاطىء رغم انهما لم يلتقيا بعد .. وأنهى الحديث بصورة قاطعة قائلا أنه سوف يخبرها كل شىء عنه فى تسجيل صوتى سوف يبعثه اليها فى رسالة الكترونية .. وطلب اليها أن تنقله الى هاتفها وتبدأ فى الإستماع اليه فى اللحظة التى تتحرك فيها الحافلة من مدينتها، وطلب منها تسجيل صوتى تبعثه اليه فى رسالة الكترونية أيضا تخبره فيه أشياء عنها .. تخبره أى شىء تريد .. ما تحب .. ما تكره .. آمالها ومخاوفها .. وقد تم تبادل هذه الرسائل فى الليلة الماضية .. وقبل أن يذهبا للنوم عن الساعة الواحدة بعد منتصف الليل الليلة الفائتة سألته كيف سيعرفها وهى لم تقرر ما سوف ترتديه بعد .. أجاب أنه لا يحتاج لألوان ملابسها .. لا يحتاج إلا لعينيه ليراها فيعرفها.

فكرت فى نفسها .. ياله من جنون، وحلم مغرق فى ورود وريحان .. أمن الممكن فى خضم هذا العالم ومن دون كل الناس أن تحدث قصة كهذه معها .. سألت نفسها مرارا ماذا تريد منه، وماذا يريد منها .. وفى كل مرة تمشى طريق طويل من الأفكار تعود منه خائرة العزم ضائعة أمام سدود اللامعقول و مفارقات الواقع .. وتساءلت ربما لم يزل الوقت مبكرا، ربم من الأفضل ألا تذهب، فتكمن فى حجرتها ولا تخرج، وتمسح التسجيل قبل أن تسمعه وبما أنها ساعتها لن تستطيع التحدث إليه مرة أخرى فسوف تلغيه من حسابها الإلكترونى وتلغى رسائله من بريدها، وتنساه وتنسى الخيال الذى كان منذ عام .. وهذا أضمن وأبسط وأكثر أمانا فلا تفكر ولا تنتظر ولا تتعب .. وإرتاحت قليلا عندما شعرت بالإستقرار لهذا القرار .. لكنها شعرت فجأة برغبة ملحة فى البكاء .. وتساءلت لو هذا حلم فلماذا لا تعيشه ولو ليوم واحد .. أن تكون محبة ومحبوبة أمل مغرق بالأمل .. وحياة فيها طعم ولون ورائحة .. فيها طعم الخطر ولون المغامرة ورائحة الحب .. هى لن تكون وحيدة .. ستذهب فى مجموعة من أقرانها وتعود معهم، وستخطف من يومها بضع ساعات الى جوارهم معه .. وكأنها التقته وهى لا تعرف أنها ستلتقيه .. فرد من الأفراد المنتشرين فى الأرض إصطدمت به مصادفة فى جمع فتجاذبا أطراف الحديث .. وفجأة رن جرس التنبيه فى هاتفها فإذا هى السادسة والنصف .. أسرعت تستعد للسفر .. لليوم الهادىء .. أسرعت تستعد كنجمة تتألق لإستقبال المساء.
كعادتها وصلت متأخرة عن موعد تحرك الحافلة مما استدعى أصدقائها لإنتظارها .. قفزت سلالم الحافلة شاحكة فى إعتذار وأخذت توزع الضحكات وتحيات الصباح هنا وهناك .. وسعدت بجمع من الأصحاب لم تلقهم منذ مدة طويلة فجمعتهم هذه الرحلة .. الكل هارب من ضغط الدراسة أو العمل والعبارات والأحاديث الرسمية .. عدل الجو فى الحافلة من حالتها المزاجية، وجعلهاأكثر اقبالا وتفاؤلا باليوم .. وشيئا فشيئا هدأ ضجيج التحيات والقبلات، وثار ضجيج آخر بين الغناء والتصفيق والهتافات .. وبينما انشغل أصدقاؤها فى لهوهم .. وانشغل آخرين فى حديث جانبى عن بعض الأحداث السياسية الداخلية والخارجية .. وإثنان قد استقر مقعدهما بجوار السائق إنهمكا فى دور شطرنج يشجعهما ثالث أثناء حديثه عن أنواع السيارات والموتورات مع السائق وبين حين وآخر يعلق الإثنان على اللعبة حامية الوطيس .. تسللت هى الى كرسى خلف السائق بجوار النافذة .. جلست فى وضع مريح وأرجعت رأسها الى ظهر المقعد وأخذت تنظر الى هاتفها مترددة .. وفى النهاية وصلت سماعات الرأس مطلقة العنان لصوته يملأ أذنيها ليأخذها بعيدا عن الضجيج .. لم تضع سيناريو معين لكلامه قبل ان تسمعه، ولم تستطع أن تتنبأ بما سوف يقول .. لذا فقد اسلمت أذنيها وحسها لما تسمع، وقد علقت عيناها بالطريق فى شرود ..

هل استمعت من قبل لأغنية قارئة الفنجان .. ليس كما تسمعين أى اغنية .. ولكن هل استمعت اليها وكأنها قد كتبت عنى أنا .. لم أشعر بأنها أغنيتى قبل الآن . رغم انى لم أؤمن ولن أؤمن بأى عرافة .. ولا أعترف بقرآءة الفنجان .. لكنها كلها رموز وأساطير تتجمل بها وجوه الحب والحزن والحياة والموت .. لطالما كنت انا الرجل العملى .. أحسب حياتى بلا أحلام .. أدرسها وأحصيها وأجمع الأرقام فى معادلات لتجعل حياتى أكمل .. وذات ليلة سكبت فيها فنجان قهوتى على حاسوبى، وضغطت زرا بغير قصد فبعثت برسالة بريد الكترونى إحتوت على تصاميم مشروعى الأخير الى بريد ظننته المقصود، فى اليوم التالى إستلمت رسالة مهذبة محتواها (عذرا هذا المشروع لا يخصنى .. تأكد من إرساله للبريد الصحيح) .. رسالة مهذبة أنقذت عملى وربما تكون قد أنقذتنى انا نفسى من عجلة دوارة لم ألحظ يوما أنها تتآكلنى .. وعرفتك .. كنت أنتى صاحبة الرسالة .. حرف واحد تغير فى بريد غيرنى انا ايضا .. وبعد مرور عام كامل كان كل ما بيننا أحاديث رقمية .. لم أعد أشعر بان الأرقام تكفى شيئا مما أشعر او اريد .. كنت أتمنى ان اكون انا الذى فى طريقى اليك .. أو اننا نتلاقى فى مفترق طرق فلا أحد ينتظر الآخر .. ولا أحد منا يضيع منه الوقت فى حساب الدقائق والساعات حتى نلتقى .. لكن عملى فى الميناء يجبرنى على الإنتظار وأ،ا احسب الطريق الذى تمشيه الآن وفيه تقع عيناك على أشجار ونخيل وحقول مزروعة، وعربات وبيوت وأفراد .. طريق أحاول ان اتخيله بعينى معك لكى اؤنسك فيه فلا تضيعين منى .. لا يأخذك أصحاب، ولا ضجيج ولا روعة طريق .. أحاول أن اتخيل طريقك لأمشى طريقى فى آخر الممر الصخرى بين البحرين قبل البرج القديم فى المنتزه وأنا اعلم أنك ايضا تتخيلين.

ساد صمت مطبق فى أذنيها بعد إنتهاء التسجيل الصوتى، وقد إتسعت حدقتيها محدقة فى الطريق بلا تركيز، وقد ابتل جفنيها بدمعها وهى لا تدرى ما الذى يحصل لها، وترى هل حقا هو من تريد ان يكون؟؟
بالأمس وهى تفكر ماذا تقول له، أخذتها الحيرة من فكرة الى فكرة .. وكانت أهمية هذه الرسالة الصوتية تكمن فى أنها تجمع كل المتناقضات التى فى داخلها وتحملها لذبذبات الكترونية تحمل دواخلها الحميمة .. كل هذا فى رسالة .. نعم سيسمعها بأذنيه وإحساسه كما تظن .. لكنه سيبنى ايضا من خلالها خيال أكثر ما تخشاه فيه ان يناقض الواقع .. كانت تفكر وكل ذرة من منطق فيها تتهمها بالعبث .. فأى عقل هذا يقول بأن نلتقى عبر اسلاك ودوائر رقمية وأصوات محسوسة نعم .. مرئية لا .. كيف نلتقى وقد بطل شرط من شروط اللقاء .. وعند هذه النقطة حلت فى ذهنها بضع كلمات..

ألم تسمع بنبأ تلك الفتاة .. إنها فتاة كنت اعرفها .. فتاة عادية لأسرة عادية تعيش بعيدا عن الأهواء والرغبات .. تحيا حياة عادية بلا مغامرة او مخاطرة او اشياء غير تقليدية .. تعيش فى بيت بعيد عن انواء اللامعقول .. ورغم تنائيها .. جاءتها النوة حيث تقطن .. هزتها الريح ولم تعد تدر ما العمل ولا كيف التصرف .. ظلت عام او اكثر بقليل مندهشة، ولاتزال مندهشة ولا تدرى ماذا تقول .. إنها فتاة هذا صوتها .. هذا الذى يأتيك عبر الرسالة صوت لا أعرفه تماما كما أنى لا أعرفك .. لن أسالك من انت حتى أعرفك .. فعام من صوتك أخبرنى بالكثير لكنه الكثير القليل .. ربما يفصح عنك اكثر بريدك الصوتى الأخير .. أو ربما عندما اراك حاضرا فاعرفك فى عينيك فلا اسال ثانية .. أعرف انك سوف تنتظر فى موعدنا فى ذلك المكان .. وانا لا املك ان اعطى وعدا بحضورى .. ولا املك ان اجزم بعدم الحضور .. فقط دعنا انا وانت والقدر.

قارنت فى ذهنها بين ما ارسلت وما قد ارسل .. لقد اخبر كل منهما عن اهم ما يشغل باله .. اللقاء المرتقب .. لكنه اخبرها بتشوقه، وأخبرته بمدى حذرها .. هو رغم تعقله مغامر .. وهى رغم جرأتها متحفظة .. وبينهما تتأرجح حكاية قد تبدا، وقد لا تبدا .. حكاية يحاوطها انتظار وانفعال وشىء من اللهفة .. وعلى شرودها فى طريق لم تدر ملامحه ابتسمت عندما اكتشفت كيف اخذتها كلماته التى لا تتعدى الخمس دقائق، واستعادتها آلاف المرات حتى مرت ثلاث ساعات وهى لم تشعر بمرور الوقت الا على مشارف الإسكندرية .. فلقد تغيرت رائحة الجو وبدأ الأصحاب فى إعداد اشيائهم لمغادرة الحافلة .. لقد نجح بالفعل فى ان يستحوذ على إنتباهها رغم صخب الأصحاب، واستطاع أن يرافقها طوال الطريق ويبقيها معه .. ابتسمت أكثر عندما غادرت الحافلة وهى تنظر امامها فإذا البحر ممتدا نحو الأفق، وبينه وبين الشاطىء عناق دام الى الأبد .. تارة يتسلل اليه ناعما مصطحبا حبات من رماله فى عودته .. واخرى يضرب بأمواجه خطوط الصخر فيتكسر عليها ضائعا منسحبا.
قضت بضع ساعات فى التبضع من مول شهير بالإسكندرية بصحبته بعض من اصدقائها وقد مضى الوقت فى احاديث ضاحكة وحكايات عن ذكريات طفولية ورحلات قديمة مع اشخاص آخرين .. واستوقفها بازار يبيع حلى فضية .. توقفت امامه قليلا تتامل المعروضات .. لفت انتباهها فى عارضته الزجاجية قلبا فضيا نقشت عليه حروف اللغة العربية متفرقة بخط عربى قديم وقد كان معلقا فى نهاية ميدالية فضية .. استوقفها هذا القلب الذى ظنته مجوفا لكنها حينما لامسته اناملها استشعرت ثقله بيديها .. تركته امامها تتأمله بينما أخذ البائع يحدثها عن مدى روعة تصميمه ودقته، وانه يعتبر من التحف النادرة المقلدة لتحف اصلية .. وخرجت من البازار حالمة وهى تمسك بحقيبة يدها فى حنان .. وهكذا انقضت السويعات الأولى من اليوم فى مرح .. وها هى الحافلة تعبر بوابة المنتزه .. لقد زارت الإسكندرية من قبل، وقد جاءت هنا مرات ومرات، وفى كل مرة ينتابها الإحساس الأول .. بين الأشجار والحدائق على جانبى شريط اسفلتى رفيع .. ذلك الجسر الذى يربط الحدائق بالشاطىء ثم الصخور على جانبى البحر قد كونت فى ناحية بحيرة هادئة، وفى ناحية أخرى سدا تتلاطمه الأمواج .. هذا الإحساس الملىء بالراحة والبعد عن العالم .. فى هذه البقعة يصير العالم أوسع، والناس أحلى، والسماء أصفى، والدنيا تدور دورة غير التى تحسبها .. وها هى اليوم تتذوق ذلك الإحساس وزاد عليه ترقبها .. صارت عيناها تتلفت هنا وهناك تجرى نهما للبحث عنه .. إتجهت عيناها صوب ممر البرج القديم .. مغلق كالعادة .. ورغم ذلك فقد استطاع أفراد ان يتسللوا من فتحة سقطت سهوا فى جانب السور الخشبى .. اقتربت قليلا وهى تبحث فى تأن فإذا رجل وحيد على حافة الممر معتدلا فى وقفته ضاما ذراعيه فوق صدره .. يولى وجهه شطر البحر .. شىء ما بداخلها أكد أنه هو .. صاحب الفنجان فى أغنية حليم كما ذكرها .. ولكنه بلا فنجانه ولا العرافة ولا حتى صوت حليم .. فقط هو امامها يبدو فى ضياء الشمس وكأنه ظلال إنسان .. وكم منتها الأمانى بسعادة حقيقية عندما إلتفت ببطء نحوها فلاحظها، وإفتر ثغره عن إبتسامة واسعة توحى بأنه ميزها .. إنها هى تلك التى لم ترفض ولم تعده بالمجىء .. وها هو قدرها الذى حملها لكى تتنسم شيئا من تلك الرائحة التى تعرفها حين تغمر المكان .. وفى خطواته الواثقة التى أخذ يخطو بها اليها .. أخذت تقترب منها الحياة بمعان شتى .. مازال يقترب والشمس خلفه تضىء وجوده لكنها تخفى ملامحه إلا تلك الإبتسامة البيضاء .. فصار يخطو اليها وكأنه واقع غائب تخشى أن يتلاشى فى لحظات.