مين يقول ان اللى فات ولى .. دا كل شىء فات ساب أثر

الاثنين، ١٩ نوفمبر ٢٠٠٧

بداية



تمتاز البدايات دائما بالترقب، ودقات الإنتظار .. بإنشغال الفكر والفضول الغير منقطع .. ترقب الأحداث تأتى تباعا وتوغل فى العمق .. ودقات إنتظار الساعة، والهاتف، واللقاء .. وإنشغال الفكر بمحاولات مستميتة للتعرف على الشىء الجديد الى أين سوف يمضى ويأخذنا .. والفضول لمعرفة أدق الدقائق عنه وكأنه دنيا جديدة نحاول جاهدين ان ندخلها .. تمتاز البداية بإنتباه الحواس جميعا لإحتواء هذا الوافد، وتسارع الأمانى حينا وحينا تباطؤها .. بفرحة غامرة تولد من لا شىء وتستمر للا شىء يقتلها الخوف من الغد .. يقتلها الظن بأنها ربما كانت أوهام .. تحلو البدايات كثيرا بالتوقع الحلو فى أحلام اليقظة .. وتصعب دوما بالشك وخيبة الرجاء لأنها لم تزل بدايات .. خيام ربما نصبت ولكن من دون وتد

الثلاثاء، ٦ نوفمبر ٢٠٠٧

الجسر




استمتع بنقرى على الطرقات فى دقات منتظمة مرتبة بينما يرن فى أذنى لحن ذلك الدولفين المعلق امام باب شرفتى .. فكلما عانقه النسيم أصدر لحنا محببا الى نفسى فأسترجعه من حين لآخر ليصاحب خطواتى على الطريق فأصير أشبه براقصة تؤدى رقصة نقرية على لحن ايقاعى .. أتلفت يمنة ويسرة وكأنى اعيد اكتشاف العالم من جديد .. أفتح رئتى عن آخرهما فأستنشق أكبر قدر أستطيعه من العبير .. هو عبير مختلط التكوين ما بين رائحة الياسمين والورد وماء النيل .. رائحة النسيم ساعة ما قبل المغيب .. كنت أخطو وأنا فى كامل أناقتى فوق ذلك الجسر والذى يربط بين محطة المترو التى تقلنى الى منزلى، وبين شركة كنت أتم فيها مقابلة عمل .. لطالما مررت فوق هذا الجسر لشهور مضت لإنجاز بعض الدراسات فى هيئة أجنبية .. وكنت كلما عبرت فوقه استشعرت وكأن العالم يجب وأن يتوقف لحظة حتى أعبره بنفس سكينته وأثره المريح فى نفسى .. كنت أخطو بخطوات واثقة تكاد تكون سعيدة .. ليس بمقابلة العمل لأنها لم تكن كذلك، ولكن بمقابلة الجسر مجددا بعد وقت طويل .. وتوقفت مرة أخرى فى منتصفه أرتكن الى الحاجز أتطلع الى صفحة الماء وضفتيها .. هذا سباق للتجديف .. وهذه مركب شراعى صغيرة تتهادى فى جانب .. وعلى الجانب الآخر تسكن تلك الحديقة الهادئة التى لطالما القت صديقة لى على مسامعى تفاصيل لقاءاتها هى وزوجها الذى كان خطيبا حينئذ .. وعلى مد البصر خطوط لا متناهية من أشعة تلمع بلون الشمس تعانق النيل الجارى تأخذ معها احساسى وتسير وتسير الى مالا نهاية .. آه .. كم افتقدت هذا العبير .. هذه السكينة .. وهذه الوجوه التى لا أعرفها ولا تعرفنى .. تمر الى جوارى بعضهم يلقى لى بالا، وآخرون يمضون فى سبلهم يتحادثون أو يفكرون أو فقط يسيرون .. ومعظمهم لهم ملامح غير شرقية أتو سائحين ليشاهدوا بلادنا، ويشاهدوننا نحن أيضا


لا أدرى لماذا هذه البقعة بالذات .. ربما لأنى مجازا لست أمشى فوق الأرض .. وربما لأنى هنا أشعر أنى قد خرجت من نفسى وتمثلت لى طيفا وكأنه مرآة لى وكأننى ملكة من الأزمان الغابرة فى ثوب ساحر أتميز جاذبية .. فتفتح لى كل الأبواب وتحنى الرؤوس حبا واحتراما .. وتتولى يدى توزيع الهدايا، فأدور أوزع الإبتسامات والدعوات، أرفع عن المهموم همومه، وأسد أبواب العجز والجوع والمرض .. فى هذه البقعة أشعر حتى أنى قادرة على الطيران .. وأفيق أجدنى أقف فى منتصف الجسر مبتسمة أتلفت يمنة ويسرة .. فإذا الشمس فى الرمق الأخير ومازال فى الدنيا بعض الضياء .. وتناثر الناس فوق الجسر هنا وهناك كل يحلم حلمه أو يعيش وهمه ولو للحظات .. ابتسم .. وأنسى مقابلة العمل الفاشلة .. وأعود أدراجى .. أحاول ان استمتع بنقرى فى خطوات منتظمة بينما يرن اللحن فى أذنى .. أحاول ان تستهوينى تلك الدقات