سارا الهوينا يدا بيد .. يرتديان نفس الألوان .. هو .. طويل متين البنية فى جينز أزرق وقميص ابيض .. هى .. رقيقة البنية فى تنورتها الزرقاء وحجابها الأنيق .. تخطو الى جواره بقامتها التى تحاول جاهدة لتطال حدود كتفيه فبدت كعصفورة تتهادى فى ظل مارد تتكىء عليه بمرفقها .. تتهادى وهى تربت على ذلك الضيف الذى تحمله بداخلها وكأنها تهدهده قبل ان يأتى الى عالمهما وتحضره ليعتاد على صوتيهما فيأنس بهما فى كونه الداخلى الوحيد .. لم يكفا عن الابتسام والالتفات لبعضهما البعض وكأن الطريق قد خلا الا منهما .. حانت منه التفاتة الى مقعد شاغر من مقاعد الجلوس على الكورنيش فاقتربا منه وكادت تجلس فمنعها وانحنى يطيل النظر الى المقعد .. نفخ فيه بشدة محاولا ان ينفض عنه غباره ثم اخرج منديلا ليتم عملية التنظيف .. جلست ونظرها معلق به حتى جلس الى جوارها .. ليسا متباعدين، وليسا متلاصقين .. والناس تذهب وتجىء امامهما والسيارات مارقة كل الى سبيله ومبتغاه الا هما .. وكأن كل منهما قد وجد فى الآخر مبتغاه .. أخرج من كيس بلاستيكى كان يحمله كوبان بلاستيكيان وملعقتان .. ناولها واحدة وأخذ هو الأخرى وهم أن يفتحها فوضعت كفها فوق الغطاء مبتسمة وعالجته أناملها فإبتسم لها شاكرا ثم قال بضع كلمات اضحكتها ودفعتها لتضرب بخفة على ذراعه .. وخلال حديث وكلمات بسيطة أنهيا كوبيهما .. انهاه هو أولا وكاد ان يتركه الى جواره تلهو به الريح .. لكنه لمح الكيس البلاستيكى فتناوله ووضع فيه كوبه الفارغ ثم كوبها .. حدقت اليه لثانية ثم اخرجت منديلا مسحت به شيئا عن وجهه .. هندمت ملابسها ثم أخذ يدها فى يده ونهضا يتحادثان وكأنهما يتهامسان من فرط بساطة الكلام .. وضع الكيس فى اقرب سلة للقمامة .. وأخذا يسيران الهوينا يدا بيد .. والناس تروح وتجىء كل فى حال .. والسيارات مارقة كل الى سبيله ومبتغاه
مين يقول ان اللى فات ولى .. دا كل شىء فات ساب أثر
الأحد، ٢٨ أكتوبر ٢٠٠٧
الأربعاء، ١٧ أكتوبر ٢٠٠٧
آدم و حواء
أستمع لدقات خطواتى وأنا انزل درجات سلم منزلنا حتى وصلت الى البوابة الخارجية .. بعثت نسمة الهواء الباردة بعض الدمعات الى عينى بحرقة خفيفة .. سلكت طريقى المعتاد للجامعة وتركت خطاى تأخذنى للطريق الذى تعرفه بينما كان ذهنى منشغلا بأمور أخرى
تختلط فى قلوبنا ابسط المشاعر بإختلاط الأيام والوجوه السابحة فى مداها .. فحينا تعلو بأرواحنا علوا نظن بعده أنه السمو فى أبهى ألوانه .. ثم حينا تتدنى حتى نظن ان كل حروف الغفران لا تكفى لمحو خطيئة الزلل المتدنى .. ولكن وان تساءلنا هل السمو سموا خالصا .. وهل التدنى هو قاع الخطايا .. ام ان تلك القمم فى العلو و الهبوط هى الأخرى مختلطة الحقائق ككل الأشياء حولنا الا اننا نولد ونموت، والميلاد والموت حقيقتان ثابتتان .. واثقتان، وكل ما بعدهما قابل للشك فى قدسيته .. قابل للتغيير فى ماهيته .. من الممكن الإلتباس فيه بين ظرف وظرف .. حتى أقدس العهود .. الإيمان والحب .. لم تعد تلك خالصة فى علاها ولا فى دنوها .. لا شىء معروف ولا شىء مؤكد .. فنحن عندما نؤمن بشىء قضية او عقيدة او انسان، ونحن عندما نحب .. لا نكون انفسنا التى نعرفها .. يدهش كل منا اكثر ما يدهشه .. الأنا الجديدة التى يعيشها
قد تتساءل ما الذى يدفعنى لهذه الأفكار وما جدواها .. انا حقا لا أعرف .. كل ما أعرفه انى التقطت أفكارى وكأنك امامى تحادثنى وأحادثك .. سيسطر قلمى هذه الكلمات فى وقت ما وهو فى قمة احساسه الدائم بالحب يختلط بالشك، وفى قمة احساسه بالأمن يختلط بالخوف .. انه المزيج الذى يجعلنا متذبذبين كنبضات القلب .. قد سئم الناس من حكايات الحب .. وسئمت انا، وسئمت انت .. لكن قلوبنا لا تعبأ ولا زالت تحب .. فإلى اين هذا الحب؟ .. الى حياة عبثية أم الى ما بعد تلك الحياة .. الى حيث امتنع الشك واتضح اليقين لربما نلتقى ونحيا
نولد ونموت .. وبينهما خلقت حواء لآدم تؤنسه، وتعينه وتكون دفئا للأيام والليالى الباردة .. فلماذا يأبى الرجال اليوم على نفوسهم حواء يركنون اليها .. ربما شكا فى أنها لم تعد تملك هذا المسكن الذى يتوقون اليه .. ولماذا تأبى النساء على نفوسهن آدم يأمنون عنده .. ربما خوفا أن يكون الأمن قيدا تسيرن اليه صاغرات فتذبل اجنحة الفراش وتغلق النوافذ وتعدم الحدائق الخلفية وتضيع مع كل هذا ارواحهن
بين الشك آدم، والخوف حواء تتنازع الأيام والأعمار كما نتنازع انا وانت .. لذا دعنى اخبرك انت آدم تستميت حاجة الى رغم قوتك .. وانا حواء فى أضعف حالاتى دوما رغم كبريائى .. لأننا هكذا خلقنا .. نحتاج فنبحث لسد الإحتياج فنتشبع، وترتكن كل نفس الى الأخرى لتبدآ سويا رحلة الإيمان .. لتبدأ العبادة الحقيقية .. الإيمان المطلق ورسالة الإعمار .. نبدأ سويا لنرق سويا .. بين الميلاد والممات الدنيا التى نظننا نعرفها ليست أحلى بدونك .. وليست أكمل بدونى
Posted by jeen at ٨:٥٥ م 18 comments
الثلاثاء، ٢ أكتوبر ٢٠٠٧
ويبقى شىء آخر
تأتى بعض اللحظات بغتة بلا تنبيه ولا توقع .. فتغير الإستعداد الشخصى لإستقبال الأشخاص والأحداث .. وتغير الجو المحيط بالمرء فتتلون الهالة التى تحيطه بلون غير اللون .. ومن هذه اللحظات تلك التى قضيتها منذ يومين فى سيارتى عندما كنت متوجهة من بيتى الى الجامعة .. فبينما كانت اناملى تعبث بمفاتيح الراديو علها تعثر على شىء استطيع سماعه يخفف عنى قيظ الظهيرة .. عانقت الكلمات اسماعى وذهب اللحن بروحى الى حيث لا اريد
يا أعز و أغلى وأطيب قلب
فسر للعالم معنى الحب
وان شاوروا وقالوا عليك طيب
خليك هنا من قلبى قريب
وكفاية تكون انسان فى زمان
فيه طيبة القلب بتتعيب
يا طيب
حبيتك انا
مع ان الحب اللى جمعنا
مابقاش له مكان زى زمان ابدا ولا معنى
خد قلبى وهات قلبك هاته
يابو قلب حياتى فى دقاته
الحب دا عقد من الياسمين وقلوب العشاق حباته
والحب دا عمر وغيرك مين يقدر يسعدنى بأوقاته
صبح اللى يحب فى ايامنا طيب وكمان على نياته
ايه يعنى يقولوا عليك طيب
بس انت تكون منى قريب
وكفاية تكون انسان فى زمان
فيه طيبة القلب بتتعيب
يا طيب
تغيرت نفسيتى واستقبلت روحى دفقات متتابعات من الشجن لدقائق معدودة لكنها تركت فى نفسى عظيم الأثر .. فرغم مرور الوقت وانسياب الأحداث والناس وصروف القدر .. لا يزال بعض الناس فى قلوبهم مكان لحنين لا ينتهى لأشياء وجدوا بداخلها اجزاء لا تتجزأ منهم واناس كانوا معهم غير ما كانوه مع العالم اجمع .. فاذا ما تباعدت السبل .. وانتهت الطرق بلا تقاطع .. ظلت ابسط الأشياء المرتبطة بهم لتجعل لهم مكانا خاصا لا يحتمل الشراكة مع اى شىء آخر .. ولا يتنازعه معهم أحد
لحظات قد يتوقف عندها العمر ليتأمل .. اين نحن من كل ما نحب، ومن نحب .. اين هو العمر من حسابات الزمن .. ايحتسب حقا بالأرقام من السنة الأولى وحتى الرحيل الأبدى .. ام يحتسب بتلك اللحظات التى نستشعرها بداخلنا تملؤنا فتعطينا ما يدفعنا للإبتسام .. لحظات للجنون وأخرى للمستحيل تحملنا على أجنحتها بعيدا عن تعقل الممكن، والمحتمل، والموجود .. فنسبح فى فضاء محبب لتلك اللحظات الدافئة .. تأخذنا ثم يعيدنا الى عالمنا عارض مفاجىء كذلك البوق الذى انتزعنى من افكارى فنظرت فى المرآة الأمامية ليطالعنى وجه غاضب لسائق سيارة تقف خلفى ليحثنى على المرور (خلصونا هو احنا فاضيين لدلع البنات) .. وآه يا سيدى الفاضل اينما كنت لو تعلم ان شرودى لم يكن دلع وانما كان لحظة لإستعادة الإنسانة المدفونة بداخلى فى زحام الإنشغال والإهتمامات والأعمال .. لحظة اشتاق لدفئها .. لحظة لا يحتملهاهذا العالم الثلجى
وأقول ان اللحن ذهب بروحى الى حيث لا اريد .. الى حيث يؤلمنى ويداوينى .. يضحكنى ويبكينى .. الى افضل ما كنت يوما واضعف ما كنت .. انساب اللحن ومعه ايامى وأحلامى وحنينى الموجع .. وانسابت خلفه حياتى لا أعرف الى أين
-----------------------------------------------------
كنت أقف فى نهاية اليوم التالى فى مكان ما الى جوار زميل وقد جمعنا حدث .. اخبرنى انه يكره هذا المكان .. فتسائلت لماذا .. قال لأن هنا تزوجت فتاته التى كانت .. سألته ان كان يحبها .. فنظر الى وكأننى معتوهه قائلا بالطبع ومازلت .. سألته لماذا أحبها فأجابنى لأنها أجبرتنى على حبها
أجبرته على حبها ثم رحلت
لماذا يجبرون القلب القاسى على اللين فيحب .. ثم يرحلون؟؟
حكاية تقليدية عادية تتكرر يوميا فى كل الدنيا .. لكنها بالنسبة له حكايته الوحيدة .. تؤلمه .. تؤرقه .. وتنتزع من عينيه بريقها .. حكاية ذهبت معها حلاوة اليوم الجديد المنتظر واستقرت مرارة الصدمة والأمر الواقع .. وشىء آخر .. يبقى الحنين الموجع الذى يتساءل .. ترى أيأتى يوم ليضمدنا فيه آخر يحنو ويحتوى .. ويرانا رائعين فى كل الأحوال حتى ولو بثياب مغبرة غير مهندمة .. آخر يسمع فى اصواتنا كل معنى مختلف ومميز حتى ولو تفوهنا بأغرب العبارات
يبقى التساؤل الذى قد يذهب بالعقل من شدة ترديده .. ايأتى يوم نتوقف فيه عن التذكر .. الحنين .. البحث عن المفقود
-----------------------------------------------------
ها هى لحظة أخرى متشبعة بالشجن .. أصبحت تلك اللحظات تستدعينى فى اى مكان وزمان لتخبرنى انه لم يعد هناك مكان لأسرار .. قد اصبحت روحى بعد صراع مشاعا .. تتالم .. تهتز ولا أدرى أهو اهتزار على نغم الأوتار .. أم ارتعاشات الحنين
الأماكن كلها مشتاقة لك
والعيون اللى انرسم فيها خيالك
والحنين اللى سرى بروحى وجالك
ماهو بس انا حبيبى
الأماكن كلها مشتاقة لك
------------------------------------------------
ان العشق هو التعويض العادل لكل ما فى الحياة من قبح وظلم وغدر .. هو رغيف الخبز الأخير الذى نسد به جوع القلب .. جملة رنانة قرأتها ذات مرة فى صحيفة .. وهى ليست رنانة فقط .. لكنها حقيقة .. وربما لأنها حقيقة خالصة ربما تبدو كزجاج بلورى لامع انتهينا من تنظيفه للتو فأدخل الشمس والورود والطريق الى غرفة كانت مسدلة ستائرها .. ولأنه زجاج فقد اصبحت كل هذه الحقائق مرئية فقط لا محسوسة .. فنحن ربما نستشعر دفء الشمس وحرارتها .. لكننا لا نشتم الرحيق ولا نسمع اصوات الطريق ولا تلامس بشرتنا انسام الهواء .. فنصبح امام لوحة جدارية معلقة فى عيوننا نستشعر دفئها .. لكننا لا نستطيع ان نعيش فيها .. لا تستطيع مكوناتها الزحف الى داخلنا .. ولا نستطيع نحن عبور اسوار اطارها الذهبى .. هذا هو الحنين الذى يبقى خلف الإحساس الحقيقى الضائع .. دفء شمس من لوحة زجاجية براقة .. مصمتة .. بلا حياة
اذا فليودع من يودع .. وليغب من يود الغياب .. ولنبق نحن نجتر نتائج الأخطاء، ونتحمل العواقب، ونرى الحقائق بلا تجميل .. لنبق نحن نحاول ان نندم .. نأمل ان تدب فى اللوحة حياة يولدها منقار عصفور صغير لتغمرنا الحواس كلها بما تشعر .. ونعود فنحيا من جديد
والى حين الأمل .. يبقى الحنين
Posted by jeen at ٨:٤٤ م 7 comments
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)