تسيرنى سيارتى التى من المفترض أنى أقودها فى طريق ليلى أحفظه عن ظهر قلب لمرورى المتكرر فيه لأنه ببساطة الطريق الى بيتى .. المصابيح الليلية مضاءة توزع نورها البرتقالى فيلمع الطريق الأسفلتى .. الدنيا هادئة رغم ما يترامى الى أسماعى من همهمات بسيطة بين أشخاص ساهرين سائرين أو جألسين فرادى أو مجموعات يتسامرون فينشغلون بأحاديثهم عن حر الصيف .. تتهادى بى سيارتى وانا أحاول أن استرجع آلاف الكلمات التى مررت عليها من قبل فى الكتب ودواوين الشعر والأفلام الروائية و الحكايات .. أستعيد المشاهد الكلاسيكية ، وأحاول أن اعيد إكتشاف العبارات .. فلقد تفنن الأدباء والشعراء منذ قديم الأزل فى وصف دلالات الحب، وتعريف مفاهيمه، وتوضيح أحاسيسه المبهمة .. وإمتلأت كتبهم دموعا وأحزانا بكاءا على أطلال الأحبة، ورثاءا للذكريات .. كتبو حنينا وشوقا، وملأوا الدنيا أنينا ولوعة من الفراق .. ولكنى كلما قرأت كنت لا ألقى العزاء .. فتمر كل الكلمات امام عينى ، وتذهب لا أجد فيها ما يصف ما فى نفسى ، ولا أجد ماينسينى دائى .. لا عندما قرأت لغيرى ولا عندما كتبت أنا عنى .. ليس فى هذا أو ذاك ما قد يخبر عما يعترينى سوى أن ألفظ انى احبه .. ورغم دلالات هذه الكلمة ومعانيها إلا أننى فى معظم الأحيان أظن انها لا تكفى ماتود نفسى أن تفصح عنه
حقيقى ان العالم لا يتوقف عند خسارة أحد شيئا قريبا الى قلبه عزيزا على روحه .. ولم أكن أؤمن من قبل أن بمقدور إنسان .. أى إنسان .. أن يتحكم فى مسار حياة آخر بأى شكل من الأشكال المباحة حتى تحكم هو بالحب فى حياتى .. الحب ذلك الجندى الوحيد القادر على قهر جنود النفس جميعا .. فهو يقهر الغضب .. الطمع .. الأنانية .. ويعلق قلب المحب دائما بالأمل .. الأمل الى المنتهى ، بلا شروط ، وبلا رغبات سوى الأمل المجرد أن يجتمع ومحبوبه يوما .. وإن إستحال الأمل فى هذا العالم فهو يخلق بوجدانه عوالما أخرى ربما يتلاقيا فيها
كم تظاهرت بالنسيان، وتشاغلت بآلاف القصص والمآسى التى تدفع بأصحابها أحيانا الى حافة الهاوية ، وإنهمكت فى مد يد المساعدة لكل من كان .. وأعود الى بيتى فى سويعات يتوقف فيها العالم الدوار فى جنونه أمام سكون وجوده الشجى بروحى ولو للحظات، فأعيش مزيجا يلفنى ولا يفلتنى .. إهتزازات الألم الدفين إزاء ما يتداعى الى من شىء متعلقا به ، ولذة السعادة بكونه موجود فى نفس الدنيا التى انا فيها .. وعندما تلاقينا اللقاء الثانى بعد تهرب وقد جمعنا الحدث والمكان .. رحت أتساءل التساؤل الأزلى الذى يلح على رأسى منذ عرفته .. ترى ماذا أحب فى وهو الرائع الجذاب .. لم أكن أجد فى نفسى جاذبية الأنثى ، والحب بين رجل وإمرأة قائم على أجزاء من مشاعر روحية ، وغريزة أساسية كلها فى مجموعها تجمع الزوج بزوجه .. لكنى لم ألبث أن توقفت عن التساؤل ، ونسيت ملامحى وملامحه .. نسيت أنوثتى ورجولته ، ونسيت قوته وكبريائى .. فكلها أشياء ذابت ، انصهرت فى غربتى وغربته .. لم أعد أتساءل عن أى شىء عام كان او خاص من قبيل أسباب الحب وخلافه .. فقد صدمتنى الحقيقة العارية من كل تملق أو زيف أو مداراه .. أحبه وكفى .. أحبه أنا الغريبة فى خضم الأصدقاء والغرباء .. غريبة لأنى لست كسابق عهدى معه .. كلمات التحية والسلام ، الأخبار العادية .. تعليق هنا وتعليق هناك ..كلها من البساطة بحيث تتشبث بجدار القلب فلا ترحمه صداها الذى لم يعد فى الإمكان .. وتنشق النفس نصفان فلا تدرى أيهما هى .. نفس فرحة لإحساسى بذاتى كونه بداخلى وأمامى فى آن واحد .. ونفس ضائعة روحها معه كون أن حبها وحبه كائنان .. لكن اجتماعهما غير مسموح
لا أحد يسائلنى عن السبب .. تشتتت الأسباب ، وتشتتنا .. قد أقول تمزقنا ولم تزل فينا أرواح سقيمة .. تريد أن تحيا .. ولكن كيف لها ذلك وقد تشبعت بصنوف الحياة ولذائذها فى أيام بمجرد حرف تفوهنا به أو كلمة قيلت أو زفرة حسبنا فيها الخلاص .. بنظرة جمعت الماضى والحاضر والمستقبل يلفهم جميعا ثوب الحرمان .. كيف تحيا فى رداء مزج الأبيض والأسود فى لون باهت أصبح سمتها .. مخلفا وراءه بقايا ثوب مهمل طفت عليه بقع الألوان بغير ترتيب ، متداخلة غير مفهومة وقد غابت عنها ريشة الفنان
كانت أمانى به تلامس السحب .. وتطير نحو الشمس تارة ، والقمر تارة .. ترسم بخيوط الدخان مستقبل لامع وإنجازات كبرى .. ويومض فى السماء بريق عينى المرتحل الى خارج الحدود .. وأصبحت .. فإذا الأمانى كلها تختنق فى عالم محدود ، قوضت الأجنحة وإنطفأ البريق .. تكاسلت جفونى ، وإهتزت الكلم عن مواضعها .. ولا يزال الأصدقاء يتساءلون عمن أغلق الأبواب ، وأضاع الأقفال ومفاتيحها .. يسأل الأصدقاء وفى نفوسهم رأفة بنا ، ويقولون ضمنيا ما جدوى العذاب .. لك أن تحاولى وله أن يحاول .. فلا أجد إلا الصمت يجاوبهم ، وأتراجع انا لأعود فأنشغل من جديد ، وتبتلعنى إنهماكاتى .. وأنا حريصة على حبه مكتملا لا بقايا .. يكمن فى أعماقى سرا وإن كان إطاره معلوم .. فلا شىء يورث إنكسار العين ، والقوة المهزومة إلا حب صادق مكتوم
ملاحظة
انا رفعت البوست ده وانا بسمع ماجدة الرومى فى "مع جريدة" .. وحقيقى المقدمة الموسيقية للأغنية دى حالاتها متعددة ومختلفة جدا ..
إسمعوها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق